24‏/12‏/2009

أنتِ قدري ..

ذات مساء من أيام الشتاء .. كنتِ معي وأمسُهُ كنتِ معي وكنتُ أعرف أن غده ستكونين معي .. وكل يوم ستكونين معي .. الخامسة مساءً موعدنا كل يوم الى الأبد ..
فأخذتني النشوة وزهوت بنفسي فارتجلت قائلاً لكِ :
سئمتك تماماً ..
سئمتك وسئمت عينيك حتى شفتيك مللتهما ..
لم أعد أشعر بذاك الشعور الغريب عند لقائك الذي سئمته أيظاً ..


صدمتِ أنتِ بما سمعتِ .. رحمتك أنا ..لا .. بل أسترسلت مكملاً :
وداعاً لعينيك الجميلتان .. وداعاً لنهديك صاحبي السحر الفتان .. وداعاً لشفتيك كثيرة الكلام .. وداعاً لسخافاتك وأخطائك المتزائدتان ..
وداعاً لجلدك المتعدد الألوان .. وداعاً لجبينك التي قبلتها يوماً بمنتهى الحنان ..
وداعاً لبسمتك رائعة الأتقان ولدمعتك ذات الصدى الرنان ..
وداعاً لك صاحبتي.. فقد أعلنت العصيان على كل ما يأسر العينان ..
ثقي بأني لن أشتاقك ولن أذكرك مدى الزمان ..


أأمرك بالابتعاد .. فأن لم تقبلي لغة الأمر فأني أرجوك الإبتعاد ..


أتركك وأعود بدونك خفيفاً أو هكذا صورت لنفسي .. بأني .. بأني قد أزحت عبئاً عن عاتقي .. وبأني سارجع كالأيام الخوالي .. وكأيام فراقك ..أصول وأجول دون لجام .. كفحلٍ في البراري .. كأسدٍ بدون لبوة ..تحكمه الغريزة دونما الغيرة .. أصطادُ وأُصطادْ .. وأنصبُ الشراكْ وأفرُ من شراك .. علني أجدُ من تحول دوني والتفكير بكَ ..
مع تأكدي ويقيني بأنه مامن فتاة تستطيع أن تملاء مكانك وتجعلني أبتسم بسهولة وأبكي بسهولة وأنتقل بين الحالتين بسهولة مثلك ..
ويمر الوقت ثقيلاً وتكتسي الفيافي بلون الليل شديد العتمة لغيوم كثُرة أكدت غياب القمر ..
أو كأنه حزين فأحتجب عن النظر ..
ولفحات باردة تندر بقرب عاصفة .. فأسرع لمنزلي وأدخل غرفتي ..
أذاً حل الليل .. وأه ثم أه من الليل .. كل ماقاله فيه الشعراء لقليل ..
تعصرني فيه التأملات وتأخذني لألف أحتمال وأحتمال من نوع ماذا لو .. وأذا كان .. ولوكان و..و..
فأهرب من تخيلاتي وأحتملاتي بأشعال سيجارة من سابقتها .. وأدس عيني في كتاب قصة شعر نثر لايهم المهم أن التهي عن أفكاري ..
بيني ونفسي .. مالي لم يمضى على فراقها سويعات ولم تفارق خيالي وكأني أشتاقها وأحتاجها حالاً ..
فأقف وأجلس وأقف وأسير وأعود أجلس وعلى سريري أضجع وأستلقي متقلباً بين جانبيَ كتقلب أفكاري فأتقلب وأتقلب بين الخيال والواقع فأحس بسحابة ضباب تجتاح عقلي رويداً رويداً فأفقد الأحساس بالزمان والمكان أقاوم فيغلبني تعبي فأستسلم من حيث بدأت ..
أرى نفسي في ليلة بلا قمر من ليالي الشتاء الطويلة ..
أذكرُ شَعركِ حيث يذكرني ظلامها بسواده .. وأمتدادها بطوله .. وأذكر رائحته من رائحة نداها المختلظ في التراب ببقايا أوراق الرياحين والليلك وزهر الليمون فيكون خليطاً غريباً ينتشي به فؤادي ..


ثم أذكره وأذكره فأحن لمداعبته ورائحته .. وأحن بالتالي إلى كل ماودعته فيكِ فأحن لعينيك وشفتيك .. ولبسمتك ودمعتك .. أحن لنهديك أحن لك ولألوانك كلها .. فأحس بالحاجة لك ولضمك بقوة ..
فأستغرب هذا التناقض العجيب بين واقعي وخيالي الذي يهزني وينثرني ويبعثر روحي كأنها صورة معكوسة على عشرات من أجزاء المرايا المكسورة .. بين محاولة نسيانك وذكرياتي التي بدأت تغزوني ..
وتهب نسمة رقيقة من إين لاعلم .. ربما تناسيت أقفال نافدتي أملاً أن يزورني طيفك ..
أو تناسيت أقفال بابي طامعاً في أن تتجرئي وتتحدي أمري أو تهملي رجائي بالابتعاد وتأتيني كملاك يقابل السيئة بالحسنة ..
فترتعد أوصالي من بردٍ أو من وقع صوت خطواتً تقترب فتقترب مع همس مبهم ورائحة قوية تنتشلني من اللاوعي فأعصر عينيَ متأملاً وأحرك شفتي سائلاً من هنا ..
وعلى خيوط ضوء الفجر المتسللة عبر النافدة أتبين ..
فإذا هي أمي تخطوا نحوي تهمس بأسم الله رقيتك من شر مأتاك .. تحمل بين يديها صينية بها مبخرة تتصاعد منها رائحة البخور .. متسائلة مابالك فلذة كبدي تتصبب عرقاً وتهلوس بكلمات وكلمات .. أسئلها عنها فتجيب وكأنك تقول ياغالية على قلبي أهنتك .. جرحتك .. خسرتك ..
فأنهض مسرعاً ويحي أأكون قد فعلتها زهوت بنفسي ودعتك فخسرتك .. أم كان كل ذلك كابوس مزعج ..
وبين شكي ويقيني أسحب هاتفي أطلب رقمك مسرعاً ..
فتجيبينني بصوت الحشرجة وكأنك قضيت ليلتك بين الأه والدمعه ومن قبل أن أتكلم تكلمتي فقلتِ :
لاتعتذر عزيزي فقد سامحتك على ماقلته البارحة وماقبل البارحه وكل ماستقوله هذه الليلة والتي تليها حتى الممات
فأنت العزيز والغالي على قلبي ..
فأذكر كل يوم من عرفتك قد قضيناه معاً في الفيافي تغمرنا البهجة وتصفى لنا الأجواء فأناديك وتناديني وأغازلك وتغازليني ويسابق حصانك فرسي وأطاردك فتطارديني وأضمك فتضمنيني فنذوب في بعضنا كأننا واحد وتتلاشى كل الأصوات من حولنا وكذلك تتلاشى المسافات فلا يبقى سوى صوت أنفاسنا تعبر عن إعياءنا ..
فلا نكف ونستمر حتى تخور قوانا ..
أكملك وتكمليني فأنا بدونك نصف أنسان ..
أهز رأسي لأخرج من ذكرياتي على صوتك من الهاتف ..
نحن على موعد اليوم وكل يوم كما كنا وكما سنظل فأنا في أنتظارك في الموعد ..
نحن على موعد ..


كدت البارحة أخسركَ من جديد..
فأقسم بيني وبين نفسي لن أخسرك تانيةً .. خسرتك منذ سنين .. ظننت بأني نسيتك وبأني لن أشم رائحة شَعركِ من جديد ..
فرجعتِ لي أجمل وأروع من أي وقتٍ مضى بقلبٍ باتساع الكون يسع الدنيا بأفراحها وأحزانها ..
يسعني بعيوبي وميزاتي .. يسعني كما أنا بدون إضافات ولا تحسينات ..
فأتعهد لنفسي بأنك مهما فعلت ومهما ستفعلين .. أسامحك منذ الأن وأغفر لك كل خطاياك السابقة واللاحقة ..
فأنت الأن مدللتي وبعض نفسي وكل حياتي ..
وأنت الغالية على قلبي ..
وعلمتُ بأني لن أستطيع فراقك أبداً ..
وبثُ أؤمن الأن بأنك قدري .







أهداء لها وله لمن لايؤمنون بأن الحب قدر أذا وقع فلا مفر

هناك تعليق واحد:

  1. عدب وستظل دائما عدبا...
    استمتعت بقرائتي هنا كعادتي مع حرفك ايها الرائع
    سأظل اراقبك لأتنفس بوحك العدب
    وسأكتفي بحرارة التصفيق
    روعة الخيال..............

    ردحذف